عن التسول، الحرية و الدولة

عن التسول، الحرية و الدولة

تكريس ثقافة التسول في أي مجتمع هو دليل على فشل الدولة. و لا أعني بثقافة التسول فقط المرأة أو الرجل على جانب الطريق، أو قفة العيد، و بعض من الحريرة و الرغيف يوزع طوال شهر رمضان...، بل ثقافة التسول تتعدى كل هذه الظواهر لتصل إلى التسول العلمي و الثقافي و الدراسي مثل ظاهرة الغش (الحصول على نقط بدون جهد)، ظاهرة Plagiat... التي تنخر أساسات الطبقة المثقفة في هذا البلد. فهكذا يمكن أن نقول أن التسول هو ظاهرة تمس كل طبقات المجتمع.

فلا يمكن لأي مجتمع التقدم بدون بناء منظومة من القيم كما أشار المهدي المنجرة في كتابه قيمة القيم، تكون الأسرة فيها هي الأساس، و الفرد كنقي
ض متشبع بمجموعة من المبادئ و الدولة كتركيب لهذا المجتمع تتمتل في قوانين تحفظ فيها كل القيم و المبادئ. هذى البناء الهيجيلي السهل شكلا و المعقد تركيبا يطرح العديد من الأسئلة، و لعل أهمها مشكل تتبيت هذه القيم و المبادئ، فإذا كانت الدولة نتاج لتطور الفرد و الأسرة فكيف يمكن تنشئة مجتمع مبني على قيم؟

وكإجابة على هذى السؤال، أظن أن على الأفراد أن يستفيدوا من حيز كبير من الحرية بكل ما للحرية من معنى (على المستوى الفكري، التقريري أو الفعلي...) فهذا كفيل بتطوير علاقة (Processus) يبنى على فكرة الحرية و القيد. فهذه العلاقة الجدلية التي رصدها كروزيه في كتابه L'acteur et le système، تبين لنا أنه عندما تفرض العديد من القيود على الفرد، فهذا الأخير يبحث عن هامش للحرية، و عند إعطاء الفرد كل الحرية فهو يبحث عن قيود تؤطر هذه الحرية. و هذه القيود المبنية على قرارات فردانية يمكنها أن تكون هي الحجر الأساس لبناء مجتمع المبادئ و الدخول في علاقة جدلية هيجيلية (نقد، نقد النقد ثم التركيب) تجمع بين تلاثية الأسرة الفرد ثم الدولة كما بينها عابد الجابري في مواقفه.


Some Beautiful Words
Zakaria El Faiz

« Intellectuals who keep silent about what they know, who ignore the crimes that matter by moral standards, are even more culpable when their society is free and open. They can speak freely, but choose not to. » Stanley Cohen, States of Denial: Knowing about Atrocities and Suffering of Others

Aucun commentaire:

Leave a Reply

Formulaire de contact

Nom

E-mail *

Message *